يُعتبر كتاب “العقد الاجتماعي” لجان جاك روسو واحدًا من أهم الأسفار الفكرية في عصر النهضة والتنوير في الغرب.
نُشر هذا العمل لأول مرة عام 1762، وأصبح منذ ذلك الحين نصًا أساسيًا في تاريخ الفكر السياسي.
جاء الكتاب في فترة حرجة بعد سقوط الشرعية الدينية كأساس للحكم في أوروبا، مما استدعى البحث عن شرعية بديلة تقوم عليها الأسس السياسية الجديدة، وتتحدد وفقًا لها مسؤوليات الحاكم والمحكوم، بالإضافة إلى الواجبات والحقوق المترتبة على كل منهما.
استند روسو في أفكاره إلى فكرة “العقد الاجتماعي” كوسيلة لتأسيس حكومة شرعية ترتكز على توافق الإرادات الحرة للأفراد. يدعو إلى تشكيل مجتمع يضمن حرية الفرد وحقوقه، موضحًا كيفية تحقيق التوازن بين حرية الأفراد واحتياجات المجتمع.
يُركز الكتاب على أهمية الإرادة العامة، حيث يرى روسو أن المجتمع يجب أن يُبنى على مصالح الجميع وليس فقط على مصالح الأقوياء. كما يتناول مفهوم السيادة، مشددًا على أن السلطة تأتي من الشعب وليس من القوة أو العنف. من خلال أسلوبه الجذاب والنقدي، يدعو روسو القراء للتفكير في مسائل العدالة والحرية، مما يجعل “العقد الاجتماعي” نصًا أساسيًا لدراسة الفلسفة السياسية والعلوم الاجتماعية.
هذا العمل، بترجمته العربية الرائعة على يد عبد الكريم ناصيف، يتيح للقراء العرب فرصة فهم الأفكار المعقدة لروسو، مما يسهم في تعزيز النقاش حول قضايا الديمقراطية والمجتمع في العالم العربي. بفضل هذا الكتاب، انتشرت أفكار روسو وبرزت أهمية الإرادة العامة في صياغة القوانين التي تعكس مصالح الأفراد، مما يعزز مفهوم الحقوق الفردية ويضع الحاكم والمحكوم في إطار من المسؤولية المتبادلة.
إجمالًا، يُعد “العقد الاجتماعي” نصًا محوريًا يسهم في فهم الأسس النظرية للحكم والعدالة الاجتماعية، ويعكس التوجه نحو تحقيق الديمقراطية والمشاركة الفعالة في بناء المجتمع.
